كيف ولماذا
في وقت نشعر بعمق بحزن والم لما حصل في تركيا وسورية من شر طبيعي حيث مات الآلاف من الأشخاص وجرح الاف آخرون وتهدمت بيوتهم، نصلي كل يوم بالم لما حصل ونطلب رحمة الله على العالم وكثرة مصائبه. وقد عبّر العديد من الأشخاص عن ان ما حصل هو حدث علمي بحت، والثاني ربطوه بكونه قرار الهي وعقوبة وغيرها. ووصل الى حد نشر آيات من الكتاب المقدس. اعتقد لا هكذا تناقش الأمور، فلكوني مختص بالجيوفيزياء حيث درست القشرة الأرضية في العراق ضمن مشروع TRANSECT العالمي اقول علينا الإدراك بان الإيمان والعلم مثل سكة قطار . القطار لا يستطيع السير بدون سكة. العلم يحاول الإجابة عن كيف تحدث الأمور والإيمان يحاول الإجابة عن لماذا تحدث الأمور.من الناحية العلمية لو تخيلنا الكرة الأرضية مثل ثمرة البرتقالة والتي لها قشرة. وهذه القشرة من صخور والصخور من معادن والمعادن من عناصر . وهذه لها درجات ذوبان بسبب الحرارة تتراوح كمعدل بين 300 الى 1600 درجة مئوية. ولو تخيلنا اننا حفرنا بئرا في الأرض فكل 33 متر تزداد الحرارة درجة واحدة اي كل كيلومتر تزداد 30 درجة وكل 10 كيلومتر تزداد 300 . وهناك تحت هذا العمق نجد انصهار للعديد من المعادن او الصخور ومع غازات مرافقة تنحصر فوق الصهير. ولأنها اخف كثافة فتستقر فوق الأكثر كثافة وتخلق ضغطا هائلا قد يؤدي الى بركان او زلزال.هذا السمك مثلا 12 كلم وقد يصل الى 75 كلم يسمى قشرة الأرضEarth Crust. تكون القشرة رقيقة مثلا 12 كلم تحت البحر والمحيط وسميكة تحت الجبال مثلا 75 كلم. وتحتها تسمى الجبةMantle حيث سمك الجبة حوالي 3000 كلم وتصل الحرارة الى 1600 درجة واكثر. وفي اعماق الجبة هناك لب الأرض ويقدر سمكه ايضا 3000 كلم، هو اولا سائل (1500 كلم) ثم صلب (1500كلم) والمعتقد ان اكثره حديد ونيكل بحيث خلق المغناطيسية الأرضيةEarth Magnetic. وقد تم التعرف على هذه المعلومات من خلال جملة مصادر منها الخرائط المغناطيسية والجذبية والزلزالية للأرض Magnetic, Gravity & Seismic mapsوالمهمة جدا في الإستكشافات خصوصا النفطية وكذلك معطيات آبار الحفر الإستكشافية.ان حركة الغازات والعناصر المنصهرة مختلفة الكثافة والحرارة من الأعمق الى الأضحل تسمى تيارات الحمل . وهذه بمرور الزمن تضغط على قشرة الأرض فتشقها بشكل براكين Volcanic او تعمل صدع Fault بشكل هزات ارضيةEarth Quake. هذه تعتبر عملية ايجابية لإعادة استقرار القشرة. وقد درس العلماء القشرة وحددوا حدود التشققات وسميت اجزاء القشرة حسب اشكال البشر والأمم فوقها فهناك صفيحة عربية واخرى فارسية وثالثة تركية وهكذا . والعديد من التشققات استقر فيها الماء فتشكلت البحار مثل البحر الأحمر او بالعكس ارتفعت فتشكلت سلاسل الجبال ومنها سلسلة جبال زاكروس بيننا وبين ايران وسلسلة جبال طوروس بيننا وبين تركيا وهكذا. لكن الهزات تصبح شرا عندما تدمر ما بناه الإنسان. العالم ناقص وسيبقى ناقص والنقص له علامة سلبية ودلاله انه ليس كاملا فعليه شبهة انه شر. هذا نسميه شر كياني او شر طبيعي اي مرتبط بطبيعة الأشياء. الشر حجر عثرة لنا لأنه ضد ارادتنا واحيانا لا نستطيع فهمه لأنه لا يوجد مبدأ للشر بل للخير وهو الله. والله ليس خالق للشر. الله محبة ولا يمكن ان يكون الا محبة. وكثيرا ما اعتبر الناس الشر حجة كي ينكروا وجود الله. لكن الله يأذن بالشر والمفروض بالبشر ان يتنافسوا لدرء الخطر وعمل الخير.عندما جاء اعمى ليسوع كي يشفي عينه سأله التلاميذ: هل هو اخطأ ام ابواه؟ فاجاب يسوع ان لا هو ولا ابواه لكن لتظهر فيه اعمال الله. فالشر الطبيعي كالزلزال يسمح به الله احتراما لقوانين الطبيعة من جهة وكي يتحفز البشر ليعالجوا هذا الأمر علميا واجتماعيا. وحتى الشر الأدبي فيقول مار بولس انه حيث تزداد الخطيئة تتفاضل النعمة. والكتاب المقدس يحاول ان يجيب لماذا حصل هذا، اي لماذا يأذن الله به؟ انه يقدر على عمل المحبة ولكن ليس عاجزا عن الرد على الشر. الله يأذن بالألم، والألم موجود مع الشخص منذ ولادته وحتى رحيله. دعوتنا هي ان نفرح مع الفرحين ونبكي مع الباكين كما علمنا الرسول بولس. لقد علمنا الرب يسوع ان نصلي ونقول: ابانا الذي في السماوات….ليأت ملكوتك. فكي يصبح العالم ملكوتا هو بحاجة الى تكريس قدرات البشر للبناء وسعادة البشر رغم الزلازل والفيضانات.
المطران حبيب هرمز