المثلية والكنيسة الكاثوليكية

المطران حبيب هرمز

مقدمة

         هذا المقال هو للتعريف بالظاهرة وموقف الكتاب المقدس وتعليم الكنيسة الرسمي. التعريف التقليدي للمثلية هي انها ظاهرة الإنجذاب الجنسي بين شخصين من نفس الجنس: ذكر مع ذكر او انثى مع انثى. والإنجذاب قد يكون نفسي (شعوري) او بشكل مشاعر حب (حب افلاطوني) او جنسي. في البداية تكون بين اثنين، ولكن  اذا حصل وهناك مثل هذه الحالات فممكن ان تتطور  فيما بعد الى تشكيل جماعة تؤثر على مؤسسات المجتمع، ثم على الحكومات وقراراتها. والمثليون يقفون ضد علماء النفس خوفا من تحليل شخصياتهم واتهامهم بانهم مرضى، هذا اضافة الى عدم رغبتهم اللقاء برجال الدين ولو انهم يلتقطون آية هنا او هناك في الكتاب المقدس، لا مجال لذكرها، ويحرفوها عن معناه.

سلم كينسي

هناك سلم كينسي حول درجات الميول الجنسية ويتراوح من( 0 الى 6) حيث الأخير (اي مستوى 6) هو مثلي مطلق (100%) عكس 0 فهو ليس مثليا. اما من يحمل علامة X فتعني اللاجنسية حيث لا يوجد لديه انجذاب جنسي (لا ذكر ولا انثى).

تطور الحالة

ان كل مجموعة من هؤلاء قد تنتمي الى مجموعات (كروبات) عبر وسائل التواصل الإجتماعي مستخدمة الصورة والصوت والفيديو والمواقع الأكترونية. هذه المجموعات، في السنوات الأخيرة، تطالب عبر المظاهرات ووسائل الإعلام وممثليها في مؤسسات المجتمع بأن يكون لها هوية معترف بها في المجتمع (مثلا مراكز تسويق خاصة، نوادي خاصة، مراق صحية (تواليتات) خاصة.

ملاحظة، هناك بعض التشابه بين اللاجنسية والإفلوطينية الحديثة لأن اللاجنسية تؤمن بالحب بدون علاقات جنسية. ويميل الأطباء الى تأييد وجود عوامل وراثية او بيولوجية او اجتماعية او بيئية وقد تكون مشتركة تؤدي الى الظاهرة، وهذا احد اسباب رفض الكنيسة ادانتهم فهم ايضا اولاد الله كما قال البابا.

المثلية والكتاب المقدس وتعليم الكنيسة

      نقرأ في الكتاب المقدس (سفر التكوين) ان الله قال:(لِنَصنَعِ الإِنسانَ على صُورَتِنا كَمِثالِنا) . 27 فَخَلَقَ اللهُ الإِنسانَ على صُورَتِه على صُورَةِ اللهِ خَلَقَه ذَكَرًا وأُنْثى خَلَقَهم. طبعا المعنى رمزي روحي وليس مادي لأن ليس لله جسد بل هو روح ازلي. يقصد فيه ان اما ذكر او اثنى, وقد قال المسيح في الإنجيل: “من بدء الخليقة ذكرا وأنثى خلقهما الله، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته” (مرقس 7,6:10)

ولكن لا يمنع من وجود مؤثرات انثوية لدى الذكر ولا ذكرية في الأنثى. وتحديد الذكورة والأنوثة يتم من قبل الوالدين بعد الإنجاب ولكن اذا حصل تأثير للحالتين في شخص واحد فهذا يعود الى الطبيب.

      في اللاهوت الأدبي الذي يعطي رأيه في افعال الشخص ان كانت ادبية ام لا، الفعل البشري يفترض ان يسعى الى عمل الخير ويثبت في الحق. واجتماع الذكورة والأنوثة هو نتيجة لسعي الطرفين الى الإتحاد لهدفين الفرح وانجاب الأطفال. لكن المثلية تناقض هذا الشيء لذلك لا تقبل بها الكنيسة الكاثوليكية. واذا كان الشخص في كامل الوعي ولم يكن هناك سبب مرضي[1] فتعتبر خطيئة لأنها تنافي المخطط الإلهي في جمع الذكر مع الأنثى. وهناك ذكر في سفر التكوين لقوم لوط في مدينة سادوم وعمورة وسط الأردن حاليا حيث اراد المثليين الإعتداء على لوط ابن ابينا ابراهيم فاهلكهما الله. لكن نعلم ان للشخص عقل وارادة فاذا لم يتوفرا فالشخص اصلا معاق.

وفي العهد الجديد نقرا عن مار بولس رسول المسيح في رسالته الى اهل روما: “فاستَبدَلَت إِناثُهم بِالوِصالِ الطَّبيعيِّ الوصالَ المُخالِفَ لِلطَّبيعة، 27 وكَذلكَ تَرَكَ الذُّكْرانُ الوِصالَ الطَّبيعِيَّ لِلأُنْثى واَلتَهَبَ بَعضُهم عِشْقًا لِبَعْض، فَأَتى الذُّكْرانُ الفَحْشاءَ بِالذُّكْران، فنالوا في أَنْفُسِهِمِ الجَزاءَ الحَقَّ لِضَلالَتِهمِ.”

      ولكن تفرق الكنيسة الكاثوليكية بين المثليّة كميول وبين الممارسة المثليَّة فلا تعتبر الأول خطيئة، إذ انه في الحالة الأولى ان كانت موجودة فالإنسان قد لا يستطيع التحكم بهويته الجنسية (مثلا عدم توفر نعمة العقل او ضعف الإرادة). ولكنها (اي الكنيسة) تعتبر الممارسة المثلية الجنسية خطيئة ضد مشروع الله وضد المجتمع وضد مفهوم العائلة واذية للهوية الشخصية. والكنيسة ترى هذا العمل “ضد القانون الطبيعي”. ولكن من باب العدالة والرحمة الإلهية أكد البابا يوحنا بولس الثاني أن الأشخاص ذوي الميول المثلية تمتلك نفس الكرامة والحقوق المقسومة لجميع البشر.   

     ان كل انسان مدعو ان يكون ابنا لله، اي انسانا محبا يسعى الى عمل الخير وبالحق. ولوجود اسباب عضوية او نفسية او جهل غير مقدور الدفع في الإنسان فإنه قد لا يستطيع بلوغ ذلك، لذلك تاخذ الكنيسة رأي الأطباء في المسألة. وهؤلاء ان وجدوا بيننا سيبقون ابناء الله فهو الديان لا نحن، ولكن يجب ان لا نسمح بان يفرضوا رايهم على الكنيسة كما يحصل في بعض الدول الغربية.

الختام

      يقول البابا فرنسيس: “يحقّ للمثليين أن يكونوا ضمن العائلة. إنهم أبناء الله. ولديهم الحق أن ينتموا لعائلاتهم. لا يمكن طرد أحد من العائلة أو جعل حياته بائسة لسبب مماثل. يجب أن تكون هناك تشريعات لشراكات مدنية، وبذلك يحظون بتغطية القانون”. اليوم اذا عائلة فيها واحد يعاني من المثلية فالأفضل مساعدته ليعيش سويا لا محاربته لأن يحتمل هو تحت ضغط جسدي او نفسي. ان جميع البشر هم موضع اهتمام الله ومحبته.     


[1]  بنتيجة أمراض هرمونية أو نفسية تؤدي الى فوضى داخلية.