الإحتفال بيوم ميلاد يسوع المسيح
25 كانون الأول
المطران حبيب هرمز
لا احد يعلم بالضبط في اي يوم ولد يسوع المسيح. كان المسيحيون الأوائل قد تبنوا التقويم الروماني الشمسي فاصبح تقويما ميلاديا ولكن ركزوا على يوم الأحد حيث حدث القيامة.
ولكن رسل المسيح وتلاميذهم عمذوا من ليس يهودياً لذلك كان هناك مجوس ويونانيون ورومانيون ومن اهل اليمن ووادي الرافدين تحولوا الى المسيحية. وفي الديانة المجوسية وكذلك بعض الديانات اليونانية والرومانية نجد تكريم او تعبد للشمس وللنار. وكانوا يحتفلون ليلة 24 على 25 كانون بقدوم يوم الشمس (اي 25) فكانوا يقضون الليل كله في احتفال حول النار. السبب هو ان النهار يبدأ يطول والليل يقصر.
وكان من بين مسيحيي العراق وسورية من لهم اقارب مجوس او يونانيين او رومان او يعملون معهم. لذلك كان بعض المسيحيين يشاركون اقاربهم واصدقاءهم في تلك الليلة. فخاف رسل المسيح وآباء الكنيسة على ايمانهم.
ولكن نتيجة لوصف يسوع بأنه نور العالم وشمسه حصل هذا الإتفاق بالاحتفال يوم ٢٥ في القرن الثالث. ولكن في مصر تم الإحتفال يوم 6 كانون الثاني لأن حكماء مصر كانوا متفقين انه في هذا اليوم يطول النهار ويقصر الليل. ولكن هنا في مصر يعتبر عيد الدنح او الشروق. وقد يكون هذا اليوم ليحل محل يوم صعود الإله رع من نهر النيل حيث يعتبر ابن اله الشمس (منذ ايام الملك اخناتون (1335 ق. م.)
وهناك سبب آخر لتحديده يوم 25 كانون الأول هو كونه يمثل 9 اشهر بعد 25 آذار يوم الحبل به حسب القديس اوغسطينوس وهو من آباء الكنيسة في القرن الخامس.
لقد تم ذكر ثلاثة مجوس (حكماء) جاؤوا من الشرق ليزوروا المسيح الطفل في بيت لحم (اورشليم) حيث قالوا حسب متى 2:2 :((أَينَ مَلِكُ اليهودِ الَّذي وُلِد؟ فقَد رأَينا نَجمَه في المَشرِق، فجِئْنا لِنَسجُدَ لَه)) فحصل ربط بين المسيح والشمس ونجمة الصبح.
ثانيا: قول السيد المسيح حسب انجيل يوحنا 8: 12 (أَنا نُورُ العالَم مَن يَتبَعْني لا يَمْشِ في الظَّلام بل يكونُ له نورُ الحَياة).
ثالثا: في كتب اليهود المقدسة اشارات رمزية للمسيح حيث يقول النبي ملاخي 4: 2 “ان كلمة الله هي شمس العدالة”.
رابعا: كان المؤمنون بالمسيح حسب افتتاحية يوحنا يصفونه انه كلمة الله التي حلت في احشاء مريم العذراء.
خامسا: اشار الى ذلك النبي اشعيا 9: 1 (الشَّعبُ السَّائِرُ في الظُّلمَةِ أَبصَرَ نوراً عَظيماً والمُقيمونَ في بُقعَةِ الظَّلام أَشرَقَ علَيهم النُّور.)
هذه وغيرها دفعت الآباء الى الإجتماع واتخاذ قرار انه نتيجة لذلك على المسيحيين في الكنائس ان يحتفلوا يوم 25 بيوم ميلاد السيد المسيح. حصل هذا في القرن الثالث تدريجيا في كنائس الشرق الأوسط ثم امتدت الى روما ايضا.
وقد شاهد الآثاريون في انفاق تحت الأرض في روما، حيث كان المسيحيون مضطهدون من قبل الإباطرة الرومانيون الوثنيون (القرون الأول والثاني والثالث وحتى 314م)، وجود رسم للمسيح على الجدار وهو بشكل اله الشمس راكبا عربة النصر النارية. اخيرا قرر البابا في منتصف القرن الرابع ان 25 هو يوم ميلاد المسيح.
المهم هو الإحتفال بعظمة يسوع “كلمة الله” مخلص العالم من طبيعته الفاسدة ليولد جديدا طاهرا نقيا.
لننشد مع مار افرام (+373) ان شمسنا هو المسيح :
“في حشى ضيق حل القدرة الضابطة للكل وحينما هو حال فيه، كان يضبط ضوابط الكون وكان يضحي لوالده لصنع مشيئته.
السماوات، ملأها والبرايا بأسرها.
دخلت الشمس إلى الحشى، وفي الأعلى وفي الأعماق أشعتها انتشرت.
حل في أحشاء البرايا الرحاب بأجمعها وهي أضيق من أن تتسع لعظمة البكر. وكيف كفاه إذن من مريم حشاها؟
غريب أن يكون قد كفاه،
وضلال إن قلنا لم يكفه بين كل الأحشاء التي حملته،
حتى واحد كفاه، حضن والده الفسيح. يساوي الحضن الذي ضبطه، إن كان قد ضبطه كله.
الحضن العجيب الأعظم من حضن
ومن يجسر ويقول إن الحضن الضيق الضعيف الحقير يساوي حضن الكائن العظيم؟
حل فيه حنانا، الذي عظمة طبيعته لا شيء يحدها…
(مار أفرام : الأناشيد عن الميلاد : النشيد 21: 6-8)