“بيت الرحمة” في السليمانية يستقبل أولى النزيلات…

بعد ان انهكتها مسيرة الحياة وامراض الشيخوخة، لم تجد “أم سمير” هذه السيدة التي تجاوزت التسعين عاما إلا في دار “الرحمة الإلهية” (Mercy Mary) في السليمانية ملاذها الاخير. واصبحت في هذا الموضع من اوائل القاطنين فيها، بالرغم من كون المشروع لم يكتمل وهو في بداية مشواره، وبالرغم من أن عائلتها لم تقصر بأي شيء تجاهها، لكن مرض الزهايمر كان الدافع أن يعهدوا بها إلى هذا المشروع الذي حققه بجهود استثنائية المطران د. يوسف توما، رئيس أساقفة كركوك والسليمانية إنقاذ مثل هذه الحالات وغيرها، ولذلك استقدم لرعاية نزلاء هذا البيت، بيت الرحمة اخوات راهبات هنديات CMC من رهبنة سيدة الكرمل من مقاطعة كيرالا، فوجدت أم سمير لديهن العناية التي كانت تحتاج إليها للمرض الذي تعاني منه (الزهايمر)، هي التي كانت معطاءه في حياتها لأبنائها وبناتها، بعدما غرست فيهم قيم المحبة والايمان، صار المرض أثقل عليها فوجدت لدى الاختصاصيين القائمين فيضًا من الحنان والرحمة التي كان يبدو أن المرض افقدها إياها.
بمشيئة الخالق استطاعت ان تستعيد تاج الصحة والشئ الكثير من ذاكرة الزمان التي مع مرور الايام اصبحت تشارك في مراسيم الصلاة مع الاخوات الراهبات. بدورها صارت تصلي معهن وتقدم الى أم الرحمة شكرها العميق للقائمين على رعاية هذا الصرح بدءًا من راعي الابرشية مار يوسف توما والاب ايمن راعي خورنة السليمانية والأب ينس راعي كنيسة مريم العذراء الذي وفر للأخوات الهنديات مكانا يتعلمن فيه اللغات المحلية ويستعن لخدمة ابناء هذا البلد خصوصا المتعبين منهم بكل حب وتفان. إذ ليس “بيت الرحمة” دارا للعجزة إنما بمثابة فندق راق يستعيد فيه النزلاء مثل أم سمير بعضا من الإنسانية والحنان التي كانت تتمتع بها والتي بدأت مع أمر أخرى تتآكل وتندثر مع تقادم الزمن وتفاقم المرض.